فضلًا: لا تقم بعمل كوبي + بيست

سألتني إحدى المتابعات عن وصفة دوائية وجدتَها في إحدى الكتب القديمة الخاصة بالطب العربي – أظنه كان كتاب “الحاوي” أ و “الموجز” – المهم.. تريد أن تجرّبها 😳. طبعًا، أنا دخلت في صدمة عاطفية ونفسية!! وبعد ذلك لما تداركت نفسي؛ قررت أن أكتب هذا المنشور.

“ما يصير أحبتي نسوّي كوبي بيست” من هذه الكتب؛ لعدة اعتبارات 🚫 منها:

١. عندما كُتِبت تلك الكتب كانت درجة حرارة الأرض أكثر انخفاضًا. برودة الجو ترفع الرطوبة (نقول: البرودة فاعلة، والرطوبة منفعلة)؛ وأدّى هذا إلى إضفاء برودة على الغطاء النباتي الذي كان موجودًا وقتها؛ مما يعني أن الشخص كان يحتاج لجرعة مركّزة، أو تنوّع أكبر من الأعشاب؛ ليحقق الغرض. اليوم مع تغير المناخ ارتفعت درجة حرارة الأرض، وازداد الجفاف؛ وعليه ارتفعت حرارة الغطاء النباتي الذي تتكون منه الأعشاب الدوائية.

لاحظ: أن هذا لا يعني أن البارد منها مثل: الكافور أو الاهليلج خرج من حالته الباردة، وأصبح حارًّا؛ بل يعني: أنه إذا كان شديد البرودة يصبح باردًا قليلًا؛ وعليه نحتاج لجرعات أقل من ذات العشبة لتحقق الغرض. (انظر: #أمزجة_الكون_healingjournals لشرح المفاهيم إذا كانت جديدة عليك).

٢. تغيّرات أخرى حدثت منذ وقت كتابة هذه الوصفات إلى اليوم. فرغم أن درجة حرارة الأرض ارتفعت؛ بسبب الاحتباس الحراري، إلا أن مزاج الأفراد أصبح أكثر برودة؛ بسبب نمط حياتنا المليئ بالمواد الحافظة، والمبيدات الحشرية، والقلق، والكثير من مسببات برودة الجسم الأخرى، بالإضافة إلى ذلك: فإن الناس الآن تلجأ لتدفئة الهواء – وليس أجسامها – في الفصول الباردة، يعني بدل أن تعدّل الطعام؛ حسب فصول السنة، تكتفي بتعديل درجة حرارة المكيف/المدفأة 😑.

تغيير درجة حرارة الهواء بالمدفأة ليس سيئًا بالمطلق، ولكن استنشاق الهواء الحار مدة طويلة يضعف الجسم، وتناول أطعمة صحيحة وقت الخريف والشتاء يسهم في تخفيف الضرر؛ لذا يجب أن يتم ذلك بالتزامن. ماذا يضعف الجسم أيضًا؟ المكيّف، وتعريض الجسم لهواء بارد جاف؛ كيف يؤثر ذلك على قدرتنا على تحمل الأعشاب؟

أجسامنا أضعف مّما يجب أن تكون عليه، وكذلك أجهزتها الداخلية التي غالبًا لا تتحمل الطعام الحقيقي! فما بالك بتركيب عشبيّ دوائيّ متعدد وقويّ؟ الأغلب لديه: وهن – خمول – مشاكل في الهضم – حساسيات طعام – ارتشاح أمعاء.. الخ.

٣. سابقًا – وقت كتابة الكتب والوصفات التي تحويها – كان الناس يتغذون على طعام الفطرة، ويبنون بيوتًا بالمكان الصحيح، وبالمواد الصحيحة؛ استنادًا لمزاج المنطقة الجيوغرافية التي يعيشون فيها. “الحين كل شي خربوطة 🤭”، ويؤثر ذلك على قوة أجسامنا، وعليه قدرتها على تحمّل التركيبات العشبية بالجرعات السابقة.

٤. هذه الكتب مكتوبة من أساتذة لتلاميذهم، وليس لعامة الناس. هي ليست كتب self help يعني، ويفترض الكاتب وجود مقدار معين من الفهم والمشتركات؛ لذا قد لا يدوّن الكاتب ما يجده بديهيًّا؛ لذا جميل أن نطلع عليها نحن من باب أكاديمي، واطلاع علمي؛ وليس من باب الممارسة التي يقوم بها أهلها.

👈لاحظ: لديّ إشكالية فقط في تطبيق الوصفات، دون معالجة صحيحة لها، أما طبيعة الأجسام – وجود الأخلاط – الأمزجة – كيفية تأثرها بالعوامل الخارجية – طرق تدبيرها.. الخ فثابت لا يتغير.

هل هذا يعني ألّا نأخذ أعشابًا؟

لا تأخذها دون إشراف مباشر من مختص. نفس هذه الوصفات يتم تعديل جرعاتها، باستبدال بعض العناصر فيها، أو بإضافة خطوات؛ لتهيئة الشخص قبل تناولها، وذلك بواسطة مختص ممارس (ليس أنا🤚. أنا باحثة، ولا أقدم أيّ توصيات بشأن الأعشاب؛ كونها تدخل في باب الطب والتداوي).

👈الكتب القديمة رائعة، وهي كنز علمي ثمين، ولكن لنتذكر: أن الطب العربي كخطّ طبٍّ قائم بحد ذاته، وآخر يتعلق بتدبير الحياة؛ لا يزال يُدَرس في الجامعات كتخصّصٍ منفردٍ في الكثير من الدول. نجد اليوم الكثير من الكتب والمناهج الحديثة بلغة أسهل، وأكثر التصاقًا بواقعنا اليوم، تتناول هذا العلم الجميل (انظر: لسلسلة المصادر لبعض منها). الباحث الجيد عليه أن يلمّ بهذا وذاك.

👈 حتى الأعشاب الخفيفة مثل: الشاي – اليانسون – البابونج، والمتوفرة في مطابخنا يجب أخذها بحذر (أنا مثلًا: لا آخذ الشاي؛ لأنه لا يناسب مزاح جسمي البارد/الجاف)، ولكني أعتبرها قابلة للإدارة إلى حد ما؛ إذ أن ضرر هذه الأعشاب – إن وجد بسبب عدم ملاءمتها لمزاج شخص ما، أو عارض يمر به – سيظهر على المدى الطويل؛ كونه تراكميًّا، وغالبًا هذه الأعشاب تصنّف بالدرجة الأولى أو الثانية (يعني ذات تأثير خفيف).

الأعشاب التي أسماؤها عجيبة غريبة “كأنها اللي يحطهم شرشبيل في القدر ماله”؛ احذروا منها، فلها تدابير خاصة، ويمكن أن تتعارض مع مشاكل صحية أخرى يتعامل معها الشخص، أو أدوية يأخذها؛ وعليه يجب أن تؤخذ تحت إشراف مختص، وفي النهاية: دومًا أقول: بليز استشر طبيبك، وعقلك، وقلبك. وأتمنى لكم كل الصحة والعافية.

مقالات ذات صلة

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *